الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
53639 مشاهدة
مقدمة

قال الإمام شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية الحراني - رحمه الله-
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي
رُزِق الهدى مَن للهداية يسأل
اسمـع كـلام محقق في قوله
لا ينثني عنه ولا يـــتبدل
حب الصحابة كلهم لي مذهب
ومودة القربى بها أتـوسـل
ولكلــهم قدر عَلا وفضائـل
لكنمـا الصِّدِّيق منهم أفضل
وأقول في القرآن ما جاءت به
آياته فهـو الكــريم المنزل


هكذا ابتدأ في هذه العقيدة بهذه المقدمة جواب لسائل، سائل سأله:
يا سـائلي عن مذهبي وعقيدتي
رُزِق الهدى مَن للهداية يسأل
والسائل كأنه أحب أن تكون الأجوبة بالنظم؛ لأنه يَسهُل حفظه .
وشيخ الإسلام -رحمه الله- ليس مشهورا بنظم الشعر، ولكنه لا يصعب عليه، يدل عليه منظومته التائية التي في القَدَر؛ ذلك لأن أحد الزنادقة دخل عليه وهو بين تلاميذه، ورفع إليه أبياتا يعترض فيها على القَدَر، وهي التي يقول فيها:
أيا علماء الدين دمنا مجيئكـم
تحير دلــوه على خـير ملة
إذا ما قضى ربي بطردي وشقوتي
وحكَّم إبعادي فما وجه حيلتي
دعاني وسد الباب دونه فهل إلى
دخولي سبيل بينوا لي حجتي
شيخ الإسلام أخذ ورقة وقلما، وأخذ يكتب، والناس حوله يظنون أنه يكتب نثرا، وإذا هو يكتب نظما في ذلك المجلس، فكتب جوابه في نحو مائة وعشرين بيتا ابتدأها بقوله:
سـؤالك يا هذا سؤال معاند
يخاصم رب العرش باري البرية
وتُدعى خصوم الله يوم معادهم
إلى النار طرا معشر القـدرية
سواء نفوه أو سعوا ليجادلوا
به الله أو ماروا به في الخليقة
إلى أن كمل نحو مائة وعشرين أو مائة وثلاثين، وتعرف بالتائية، وقد شرحها الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- وشرحه مطبوع، ولم يشرحها أحد فيما سبق فيما أعلم مما يدل على أنه متمكن في نظم الشعر، ومع ذلك يعترف بأنه ليس من الشعراء المشهورين الذين نظم الشعر يكون سهلا عليهم؛ ولذلك لم يكثر شعره .
ذكر مرة أنه رفع إليه لغز فحله بنظم، وهذا اللغز في مدح العلم يوجد مطبوعا في أول كتابه المنهاج منهاج السنة منظومة طويلة نونية في نظم العلم. اللغز في أبيات نونية، وكذلك الجواب مما يدل على أنه متمكن أن يقول الشعر .